بسم الله الرحمن الرحيم
” وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا
لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ “
صدق الله العظيم
الحمد الله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبدالله الذي ارسله رحمة للناس بشيراً ونذيراًُ، وداعياً الى الله بإذنه وسراجاً منيراً.
” يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيباً “.
” يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليكم خبير”.
وبعد :-
فقد قضت السنة الالهية بضرورة اجتماع الذكور بالاناث حفظاً للنوع المدة التي شاء الله تعالى ان يعيشها ذلك النوع، وقد يوجد النسل، وبه يستمر بقاء النوع بأي اجتماع كان، ولكن البقاء على الوجه الاكمل الخالي من التظالم وضياع الحقوق والانساب لا يكون الا على النحو الذي شرعه الله لاستقرار العلاقة بين الجنسين، وقيام اسرة متماسكة تتعهد الاولاد وتحفظهم وتسعى في كل ما فيه الخير لهم بقدر المستطاع.
من اجل ذلك شرع الله الزواج ووضع له نظاماً لتكوينه وشروطه وما به يحفظ النسل ويربى احسن التربية على وجه يكفل للعالم سعادته ويوفر عليه راحته ويقيه ما لا يحصى من المضار.
وروى ابو داود والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: “الا اخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، اذا نظر اليها سرته، واذا غاب عنها حفظته، واذا امرها اطاعته” ورواه الترمذي من طريق آخر رجاله ثقات، وعن ابن عباس رضي الله عنهما عند ابن ماجه والحاكم: “لم ير للمتحابين مثل الزواج” وروى اصحاب السنن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” أي مضعف لشهوته.
وقد حض الشارع على الزواج ورغب فيه وجعله من آياته وامتن علينا به. قال الله تعالى: “ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة” وروى البخاري ومسلم عن انس رضي الله عنه ان نفراً من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم لا اتزوج، وقال بعضهم اصلي ولا انام، وقال بعضهم اصوم ولا افطر، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال “ما بال اقوام قالوا كذا وكذا لكني اصوم وافطر واصلي وانام واتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني”