تعتبر دعوى الإلغاء وسيلة من وسائل الرقابة القضائية على مشروعية القرارات الإدارية ، تكمن الغاية منها في حماية حقوق وحريات الإنسان .
وبالنسبة للموظف العمومي ، يكون أحيانا معرضا لأن تلحق به أو بحياته الإدارية بعض الأضرار بسبب ما قد تصدره الإدارة في حقه من قرارات مشوبة بعدم المشروعية .
فحماية له ، وصيانة لحقوقه وحرياته من مثل تلك القرارات ، أنشأ المشرع تظلما لإخضاع مقررات الإدارة وأعمالها للرقابة القضائية .
وتتخذ الرقابة القضائية لأعمال الإدارة ومقرراتها صورتين :
- صورة المشروعية :
وتعني مراقبة نشاط الإدارة وتصرفاتها من حيث مطابقتها القانون أم لا ، وكلما تبين عدم المشروعية في عمل الإدارة إلا وحق التظلم منه والطعن فيه بالإلغاء بسبب التجاوز في استعمال السلطة .
- صورة المسؤولية :
يقصد بها حق التعويض عن الأضرار الناجمة عن النشاط الإداري واللاحقة بالأفراد.
صورة المسؤولية :
شروط قبول دعوى الإلغاء :
يمكن للموظف المتضرر من قرار إداري مقاضاة إدارته أمام المحاكم الإدارية أو الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى حسب الأحوال، ولكن لا تقبل دعواه إلا بتوفر عدد من الشروط حددها القانون فيما يلي :
- 1. الشروط المتعلقة بالقرار المطعون فيه بالإلغاء .
- الشروط المتعلقة برافع الدعوى .
- الشروط المتعلقة بالآجال .
- أن يكون مضرا بمصلحة من مصالح الطاعن .
أولا : الشروط المتعلقة بالقرار المطعون فيه بالإلغاء لا يمكن الطعن في القرارات التي مصدرها الإدارة إلا بتوافر شروط ثلاثة :
الشرط الأول :- أن يكون القرار إداريا .
الشرط الثاني :- أن يكون القرار نهائياً .
الشرط الثالث :- أن يكون مضرا بمصلحة من مصالح الطاعن .
الشرط الأول :- أن يكون القرار المطعون فيه قرارا إداريا :-
لكي يكون القرار قابلا للطعن بالإلغاء لابد أن يصدر فعلا عن سلطة إدارية ، فالقرار الإداري هو عمل قانوني يصدر عن السلطة الإدارية بإداراتها المنفردة لإحداث أثر قانوني معين ، ويتعين في الغالب أن تتوافر بعض الشروط في القرار الإداري ، كأن يكون كتابيا ومؤرخا ، وموقعا ، لأن هذه العناصر تفيد ، على التوالي ، في حالة وقوع نزاع على التعرف على فحوى القرار وتاريخ إصداره ، ومدى صلاحية الجهة المصدرة له .
وقد يحدث أحيانا أن يكون القرار إداريا ، لكنه غير قابل للطعن بالإلغاء بالنظر إلى كونه غير صادر عن سلطة إدارية ، وذلك كالقرارات الملكية وأعمال السيادة ، وأعمال السلطتين التشريعية والقضائية ، وتدخل في هذا النطاق الأعمال المادية الصادرة عن الإدارة التي لا يكون القصد منها تحقيق آثار قانونية معينة ، ومثال هذا الصنف عزل موظف صدر في حقه حكم بالسجن لارتكابه جريمة مخلة بالشرف .
ولا تفوت الإشارة إلى أن قانون المحاكم الإدارية استبعد النزاعات المرتبطة بالعقود الخاصة بالإدارة ، وترك اختصاص النظر فيها إلى المحاكم العادية .
الشرط الثاني :- أن يكون القرار نهائيا :-
لا يجوز الطعن في القرار الإداري بالإلغاء إلا إذا اكتسب صفة نهائية ، أي أصبح قابلا للتنفيذ دون أن توقفه سلطة إدارية أخرى يكون لها حق التعقيب عليه أو التصديق عليه ومثال ذلك ، القرارات التأديبية الصادرة عن المجلس التأديبي فهي تعتبر مجرد مقترحات وليست قرارات نهائية لأنها تخضع إلى تصديق السلطة التي تملك حق التأديب ، وبالتصديق عليها من طرف تلك السلطة تصبح قرارات إدارية نهائية يمكن أن تكون موضوعا للطعن بالإلغاء .
الشرط الثالث :- أن يكون مضرا بمصلحة من مصالح الطاعن :-
لا يكون القرار الإداري محل أي طعن بالإلغاء ما لم ينشأ عن إصداره تأثير في المركز القانوني للموظف المعني بالأمر .
أما القرارات التي لا ينشأ عنها أي تأثير في الوضع الإداري والقانوني للموظف ، فلا تعتبر في مجال الطعن بالإلغاء .
ومثالها قرار الإدارة بإحالة أحد الموظفين إلى الكشف الطبي .
ثانيا : الشروط المتعلقة برافع الدعوى :-
والسؤال هنا :
متى يكون الموظف المتضرر من قرار إداري أهلا لممارسة دعوى الإلغاء ؟
الإجابة :-
القاعدة القانونية العامة هي أن التقاضي لا يصح إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة لإثبات حقوقه .
الأهلية :-
لا يجوز رفع دعوى بالإلغاء إلا إذا توافرت شروط الأهلية ، وتخضع الأهلية المدنية للشخص وتحدد في 18 سنة ، على أن يكون خاليا من عوارض الأهلية ، أي أن يكون متمتعا بقواه العقلية ولم يثبت سفهه .
المصلحة :-
وهي شرط لازم لقبول دعوى الإلغاء ، فالقاعدة تقول : حيث لا مصلحة لا دعوى .
ومن أمثالها :-
أن لكل موظف تتوافر فيه شروط التعيين في وظيفة معينة مصلحة الطعن في قرار التعيين .
الصفة :-
إن رافع دعوى الإلغاء لا يكفي أن تتوافر فيه شرطا الأهلية والمصلحة في رفع هذه الدعوى فقط ، وإنما يجب أن يجوز أيضا على الصفة ، أي أن يدعي حقا أو مركزا قانونيا لنفسه ، وإلا لم تقبل دعواه .
ولذا ترفض دعوى إلغاء قرار إداري من موظف ليس مقصودا به ، ولو كانت لهذا الموظف مصلحة في إلغائه .
كما يمنع التقاضي باسم شخص الطاعن بدون وكالة منه .
ثالثا :- الشروط المتعلقة بالآجال :-
ميعاد رفع الدعوى :-
حدد المشرع مدة قانونية لرفع دعوى الإلغاء أمام المحاكم الإدارية ، يترتب عن عدم احترام حدودها لاكتساب القرار الإداري حصانة ضد الإلغاء وبالتالي سقوط حق الطاعن في الطعن .
فإن دعوى الإلغاء يمكنه رفعها أمام الجهة القضائية المختصة المحكمة الإدارية خلال ستين يوما من تاريخ نشر أو تبليغ القرار المطعون فيه ، أو من تاريخ العلم اليقيني به كما سار على ذلك الاجتهاد القضائي .
النشر :-
عموما يتم نشر القوانين بمختلف درجاتها في الجريدة الرسمية حيث تصبح سارية المفعول بمجرد نشرها ، وفي غياب وجود نص عام يحدد كيفية النشر ووسائله ، يمكن أن يتم النشر بأية وسيلة من وسائل الإعلام المرئية أو السمعية أو المكتوبة أو غيرها مما يصح أن تصل به القرارات إلى علم الأفراد .
ولابد من الإشارة إلى أن الاستعانة بهذه الوسائل في النشر لا يكون صحيحا إلا حيث لا يرد نص يوجب النشر في الجريدة الرسمية .
ولا يحتج بالنشر إلا بالنسبة للقرارات التنظيمية ، وقد قضت المحكمة الإدارية بأنه إذا كان القرار الإداري يعني عددا محدودا من الأفراد تعرف هويتهم فإن النشر لا يصلح للاحتجاج عليه ولابد من التبليغ .
التبليغ :- إذا كان الأمر يتعلق بقرارات فردية فإن ميعاد الطعن فيها يبدأ من تاريخ تبليغها إلى من يهمه الأمر.
ولا يعتبر التبليغ بالبريد المضمون صحيحا إلا إذا كان مصحوبا بشهادة الإشعار، بالتسليم موقعا عليها من طرف المرسل إليه ، وإلا اعتبر بالتبليغ لاغيا .
العلم اليقيني :-
يبدأ سريان ميعاد الطعن بالإلغاء من تاريخ العلم اليقيني الذي يحصل في الحالة التي يكون فيها الموظف المعني بالأمر عالما بفحوى القرار المطلوب إلغاؤه ، وتاريخ صدوره ، وتعليله ، فمثل هذا العلم اليقيني يقع على عاتق الإدارة .
وقف الميعاد في حالة طلب المساعدة القضائية :-
يتوقف ميعاد رفع دعوى الإلغاء عن السريان بسبب طلب المساعدة القضائية ، على أن يستأنف من جديد بعد توصل المعني بالأمر بالجواب على طلبه الذي يكون قد أودعه لدى كتابة الضبط بالمجلس الأعلى أو بالمحكمة الإدارية
قطع الميعاد في حالة التظلم الإداري :-
يجوز للطاعن أن يوجه إلى الإدارة تظلما تمهيديا لإعطائها الفرصة للتراجع عن قرارها، ويعرف هذا النوع من الطعن بالتظلم الإداري ، وقد يأتي على صورتين :-
الصورة الأولي :- إما طعن استعطافي إن وجه إلى مصدر القرار .
الصورة الثانية :- أو طعن رئاسي إن وجه إلى رئيس مصدر القرار .
ويؤدي تقديم التظلم الإداري إلى قطع الميعاد المحدد لرفع دعوى الإلغاء ، وبالتالي إسقاط المدة التي مضت من حساب ميعاد رفع الدعوى على أن يشرع في حساب ميعاد جديد كامل يبدأ من تاريخ توصل المعني بالأمر بقرار رفض التظلم الإداري صراحة أو ضمنا .
هذا وبالله التوفيق ،،،،
مكتب العزم للإستشارات القانونية
ويمثله المستشار الأستاذ / محمد صالح الميسري .